جاء في السنة الصحيحة، الحث على
التغني بالقرآن، يعني تحسين الصوت به، وليس معناه أن يأتي به كالغناء،
وإنما المعنى تحسين الصوت بالتلاوة، ومنه الحديث الصحيح:
ما أذن الله لشيء كأَذَنه لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به
وحديث:
ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن، يجهر به
، ومعناه: تحسين الصوت بذلك كما تقدم.
ومعنى الحديث المتقدم: (ما أذن الله) أي ما استمع الله (كَأَذَنه): أي
كاستماعه ، وهذا استماع يليق بالله، لا يشابه صفات خلقه، مثل سائر الصفات
يقال في استماعه -سبحانه وتعالى- لا شبيه له في شيء -سبحانه وتعالى- كما
قال عز وجل:
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
.
والتغني الجهر به، مع تحسين الصوت والخشوع فيه، حتى يحرك القلوب؛ لأن
المقصود تحريك القلوب بهذا القرآن، حتى تخشع، وحتى تطمئن، وحتى تستفيد،
ومن هذا قصة أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- لما مر عليه النبي -صلى الله
عليه وسلم- وهو يقرأ، فجعل يستمع له -عليه الصلاة والسلام- وقال:
لقد أوتي هذا مزمارًا من مزامير آل داود
، فلما جاء أبو موسى أخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- بذلك، قال أبو
موسى: لو علمت -يا رسول الله- أنك تستمع إليّ لحبَّرته لك تحبيرًا. ولم
ينكر -عليه الصلاة والسلام- ذلك، فدل على أن تحبير الصوت، وتحسين الصوت
والعناية بالقراءة أمر مطلوب؛ ليخشع القارئ والمستمع، ويستفيد هذا وهذا.