الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد: .
تلاوة القرآن من أفضل العبادات، والأصل في العبادات أن تكون خالصة لوجه
الله، لا يقصد بها سواه من دنيا يصيبها، أو وجاهة يحظى بها، إنما يرجى بها
الله، ويخشى عذابه، قال الله -تعالى-:
فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ *
أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ
وقال:
وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ
.
وفي الحديث عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله
ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو
امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه
رواه البخاري ومسلم. .
فلا يجوز لقارئ القرآن، أن يأخذ على قراءته أجرًا يستوفيه قبل القراءة
أوبعدها، سواء أكانت هذه القراءة في الصلاة، أم كانت على الميت؛ ولذا لم
يرخص أحد من العلماء في الاستئجار على تلاوة القرآن.
وليس من
هذا أخذ أئمة المساجد والمؤذنين أجرًا من بيت مال المسلمين، فإنه ليس على
التلاوة ولا على نفس الصلاة، وإنما يأخذه مقابل تفرغه عن شغله الخاص بواجب
كفائي عن المسلمين.
ونظيره أخذ خليفة المسلمين من بيت المال؛
لاشتغاله بواجب أعمال الخلافة الإسلامية عن عمله الخاص، الذي يكسب منه
لنفسه، وكان عمر -رضي الله عنه- يعطي المجاهدين، ومن لهم قدم صدق في
الإسلام من بيت المال، كل على قدر سابقته، وما قدمه لجماعة المسلمين من
نفع عميم.
وآكد من هذا: أن الله جعل للعاملين على الزكاة
الجابين لها نصيبًا في الزكاة، ولو كانوا أغنياء لقيامهم بواجب إسلامي
للجماعة -غنيهم وفقيرهم- واشتغالهم بهذا مدة، يمنعهم عن الكسب لأنفسهم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. .