الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد: .
لا يجوز رفع الصوت بقراءة ما ذكر عقب الصلوات، لا من أحد المصلين ولا من
جماعتهم، ولو بقصد التعليم، بل هو بدعة، لعدم ثبوته عن النبي -صلى الله
عليه وسلم- وقد ثبت عنه أنه قال -صلى الله عليه وسلم- : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد
رواه البخاري ومسلم. .
وعلى هذا، ليس لك أن توافقهم على بدعتهم، بل عليك أن تنكر ذلك، وتبين لهم
الحق بقدر ما تستطيع، بالحكمة والموعظة الحسنة، لقوله -تعالى-:
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
ولما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع، فبلسانه، فإذا لم يستطع، فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان .
.
السؤال الثاني: أريد من فضلكم، أن تشرحوا لي هذين الحديثين شرحًا مبينًا، قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد
، من سن سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها .
.
الجواب:حديث من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد
: أن من ابتدع في الدين بدعة، يضاهي بها تشريع الله، فهي مردودة عليه غير
مشروعة ومحدثها آثم، وذلك مثل ما ذكر في جواب السؤال الأول من الجهر بآية
الكرسي، عقب الصلوات الخمس، ومثل زيادة: (أشهد أن عليا ولي الله) في
الأذان، وجهر المؤذن بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الأذان،
أما إتيان المؤذن بها سرًا فسنة.
أما معنى حديث من سن سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها
: أن من عمل بسنة صحيحة قد ترك الناس العمل بها، فقد أحياها بذلك؛ لتتابع
الناس العمل بها بسببه، وكذا لو وعظهم وذكرهم بها، فتتابعوا على العمل
بها.
ويؤيد هذا المعنى ما رواه مسلم في صحيحه، عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- قال:
كنا في صدر النهار عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاءه قوم عراة
مجتابي النمار، أو العباء، متقلدي السيوف، عامتهم، بل كلهم من مضر، فتمعر
وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج،
فأمر بلالا فأذن، وأقام فصلى، ثم خطب، فقال:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
والآية الأخرى التي في آخر الحشر:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ
، تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى
قال: ولو بشق تمرة، فجاءه رجل من الأنصار بصرة، كادت كفه تعجز عنها، بل قد
عجزت، ثم تتابع الناس، حتى رأيت كومين من طعام، وثياب، حتى رأيت وجه رسول
الله -صلى الله عليه وسلم-: يتهلل كأنه مُذْهَبَة، فقال رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- : من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها
من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان
عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء
.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.