قال شيخ الإسلام، تقي الدين أبو
العباس أحمد بن تيمية: الحمد لله، ليس عليه إثم فيما ينويه ويفعله من
كتابة العلوم الشرعية، فإن كتابة القرآن والأحاديث الصحيحة، والتفاسير
الموجودة الثابتة من أعظم القربات والطاعات.
وأما (التفاسير) التي في أيدي الناس، فأصحها (تفسير: محمد بن جرير الطبري)
فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن
المتهمين، كمقاتل بن بكير والكلبي، والتفاسير المأثورة بالأسانيد كثيرة،
كتفسير عبد الرازق، وعبد بن حميد، ووكيع، وابن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل،
وإسحاق بن راهويه.
وأما (التفاسير الثلاثة) المسؤول عنها: فأسلمها من البدعة والأحاديث
الضعيفة (البغوي)، لكنه مختصر من "تفسير الثعلبي" وحذف منه الأحاديث
الموضوعة، والبدع التي فيه، وحذف أشياء غير ذلك.
وأما (الواحدي): فإنه تلميذ الثعلبي، وهو أخبر منه بالعربية؟ لكن الثعلبي
فيه سلامة من البدع، وإن ذكرها تقليدًا لغيره، وتفسيره، وتفسير الواحدي
:(البسيط والوسيط والوجيز) فيها فوائد جليلة، وفيها غث كثير من المنقولات
الباطلة وغيرها.
وأما (الزمخشري): فتفسيره محشو بالبدعة، وعلى طريقة المعتزلة من إنكار
الصفات والرؤية والقول بخلق القرآن، وأنكر أن الله مريد للكائنات، وخالق
لأفعال العباد، وغير ذلك من أصول المعتزلة.
و(أصولهم الخمسة) يسمونها: التوحيد، والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، وإنفاذ الوعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لكن معنى (التوحيد) عندهم يتضمن نفي الصفات؛ ولهذا سمَّى ابن التومرت أصحابه الموحدين، وهذا إنما هو إلحاد في أسماء الله وآياته.
ومعنى (العدل) عندهم: يتضمن التكذيب بالقدر، وهو خلق أفعال العباد وإرادة
الكائنات، والقدرة على شيء، ومنهم من ينكر تقدم العلم والكتاب، لكن هذا
قول أئمتهم، وهؤلاء منهم الزمخشري، فإن مذهبه مذهب المغيرة بن علي، وأبي
هاشم، وأتباعهما. ومذهب أبي الحسين، والمعتزلة الذين على طريقته نوعان:
مسايخية وخشبية.
وأما (المنزلة بين المنزلتين): فهي عندهم أن الفاسق لا يسمَّى مؤمنًا بوجه من الوجوه، كما لا يسمَّى كافرًا، فنزلوه بين منزلتين.
و(إنفاذ الوعيد) عندهم معناه: أن فساق الملة مخلدون في النار، لا يخرجون منها بشفاعة ولا غير ذلك، كما تقوله الخوارج.
و (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) يتضمن عندهم: جواز الخروج على
الأئمة، وقتالهم بالسيف، وهذه الأصول حشا بها كتابه، بعبارة لا يهتدي أكثر
الناس إليها، ولا لمقاصده فيها، مع ما فيه من الأحاديث الموضوعة، ومن قلة
النقل عن الصحابة والتابعين.
و(تفسير القرطبي): خير منه بكثير، وأقرب إلى طريقة أهل الكتاب والسنة،
وأبعد عن البدع، وإن كان كل من هذه الكتب، لا بد أن يشتمل على ما ينقد؛
لكن يجب العدل بينهـا، وإعطاء كل ذي حق حقه.
و(تفسير ابن عطية) خير من تفسير الزمخشري، وأصح نقلا وبحثًا، وأبعد عن
البدع، وإن اشتمل على بعضها؛ بل هو خير منه بكثير؛ بل لعله أرجح هذه
التفاسير؛ لكن ابن جرير أصح من هذه- التفاسير - كلهـا، وثم تفاسير أخرى
كثيرة جدًا، كتفسير ابن الجوزي والماوردي.