الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد: .
المشروع في حق المسلم أن يحافظ على تلاوة القرآن، ويكثر من ذلك حسب استطاعته؛ امتثالا لعموم قول الله -سبحانه-:
اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ
، وقوله:
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ
، وقوله عن نبيه -صلى الله عليه وسلم-:
إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي
حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ *
وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ
.
ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي شفيعًا لأصحابه يوم القـيامة
،وأن يبتعد عن هجره، والانقطاع عنه بأي معنى من معاني الهجر، التي ذكرها العلماء في تفسير هجر القرآن. .
قال الإمام ابن كثير- رحمه الله- فى تفسيره: "يقول -تعالى- مخبرًا عن رسوله ونبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا
؛ وذلك أن المشركين كانوا لا يصغون للقرآن ولا يستمعونه، كما قال -تعالى-:
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ
، كانوا إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللغط، والكلام في غيره حتى لا يسمعوه. .
فهذا من هجرانه، وترك الإيمان به، وترك تصديقه من هجرانه، وترك تدبره
وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من
هجرانه، والعدول عنه إلى غيره: من شعر، أو قول، أو غناء، أو لهو، أو كلام،
أو طريقة مأخوذة من غيره من هجرانه ".
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.