عندما يُحلل النص بطريقة نقدية فإن ذلك يكشف عن ثغرات جدية. وها هي بعض الملاحظات:
1- كان الدخول في التعاملات التجارية والذهاب ضمن قوافل تجارية محصوراً على الأشخاص الأثرياء ولم يحلم أبو طالب أن يكون منهم ، لأنه لم يكن ثرياً أبداً بل إن ثروته كانت ضئيلة لدرجة عدم تمكنه من الإنفاق على أولاده ، مما جعل بعض أقاربه يتعاطفون معه ويأخذون على عاتقهم مسئولية تربية بعض أبنائه. إن قصة الحديث مختلقة ولا يوجد دليل على أن أبا طالب كان له رحلات تجارية إلى أي مكان. كان بائع عطور بسيط ، وقد رُوي أنه كان أعرجاً وبذلك يفقد الأهلية للقيام برحلة شاقة كتلك.
2- لو كان بحيرا حقاً عالماً عظيماً وبارعاً لدرجة أن خطط لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن من المفروض أن يوجد له في السجلات النصرانية أدب كثير ، ومجلدات عن حياته وأعماله ، ولكننا لا نجد عنه شيئاً إلا في أحاديث الدرجة الثالثة في الأدب الإسلامي.
3- اختار بحيرا نبي المستقبل وفي حضور كبار رجال قريش قال إن الصبي سيصبح رئيس العالم المختار ، ونبي رب العالمين ورحمة للعالمين. وبذلك يكون رجال قريش شهوداً على تلك الحادثة الغير عادية ، وينقلونها إلى أهل مكة عند عودتهم إليها وبذلك تصبح حديث الناس ، ومن الطبيعي أنه عندما يحدث شيء يتعلق بنبي المستقبل فإن أولئك الرجال ومن سمع الحادثة منهم سيعودون للحديث عن تلك الحادثة ، لقد ظهر محمد في الصباح الباكر في البيت الحرام بعد ذلك ببضعة سنوات ، حيث حل النزاع حول وضع الحجر الأسود ، وكان من المفروض أن يصيح الناس " لقد وصل رسول رب العالمين ، ورئيس جميع المخلوقات ، وظهر رحمة العالمين ، ونحن نؤيده ونقبل رأيه ". لكن كتب التاريخ لم تذكر شيئاً من هذا القبيل ، بل تذكر أنهم قالوا "جاء الأمين---الصادق---الخ" ومرة أخرى عندما أعلن النبي المنتظر أنه اختير لأداء المهمة ، وكان من المفترض أن يعلن كل من اعتنقوا الإسلام أنهم كانوا يعرفون ذلك وينتظرونه ، فإننا نجد أن ذلك لم يحدث.
4- عندما سُئل بحيرا عن سبب معرفته بأن الصبي سيصبح نبياً أجاب بأن جميع الأشجار والحجارة قد ركعت له. ولو كان الأمر كذلك فإن كل من كانت له صلة به في مكة أو غيرها سيعرف ذلك أيضاً ، فقد كان أمراً غير عادي ، وظاهرة غير طبيعية أو مألوفة ، وبذلك لا يمكن أن تمر دون أن لا يلاحظها الناس . من الغريب أن رجال القافلة الذين ارتحلوا معها مئات من الأميال لم يلاحظوا الأمر وكان بحيرا فقط هو الذي أدركها. وبناء عليه فإن من المفترض أن علامة النبوة المذكورة تكون موجودة في الإنجيل ، لكن الأمر ليس كذلك مما يجعل الحادثة مختلقة وغير موثوقة.
5- لو أن المستشرقين الذين اتخذوا من تلك الحادثة عاملاً يساعدهم في ادعائهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد تعلم وأخذ تعاليم دينه عن النصرانية من خلال الراهب المذكور ، لو أنهم اعتقدوا أن حادثة بحيرا تلك كانت حقيقة وليست خيالاً ، ولو أنهم كانوا صادقين في دراساتهم لكان موقفهم تجاه الإسلام مختلفاً تماماً ، بينما يكشف موقفهم السلبي الحالي من الإسلام أنهم حقاً لا يعتقدون بصحة ذلك الحديث.
6- لو كان قول أن الأشجار والحجارة ركعت للنبي صلى الله عليه وسلم ، فإن ذلك لن ينحصر في تلك الحادثة فقط ، ويكون مئات الآلاف من الأشخاص قد شاهدوا ذلك في مكة وسواها. لكننا لا نجد حديثاً صحيحاً واحداً يؤيد حدوث ذلك مما يؤكد أن ذلك الحديث موضوع لا أصل له.
كما ويجدر ذكره أن الإسلام قد حرّم الركوع لأحد سوى الله. يقول القرآن الكريم :
" لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون " سورة فصلت 37
" والنجم والشجر يسجدان- والسماء رفعها ووضع الميزان " سورة الرحمن 6-7
" ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم" سورة الفرقان 55
" وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن " سورة الفرقان60
وقد منع الرسول صلى الله عليه وسلم الركوع أمام أحد سوى الله. كما مُنع ذلك في الإنجيل : " لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن. لأني أنا الرب إلهك إله غيور أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي " الخروج 20 : 4-6
وبذلك يتضح عدم جواز الركوع لغير الله في أية حالة.
7- بالنسبة " لخاتم النبوة " فإنه لا يوجد له دليل واضح في الإنجيل ، ولو كان لهذه العلامة أي ذكر فيه ، ولو وُجدت تلك العلامة حقاً على ظهره الشريف ، كما جاء في الحديث على لسان الراهب ، فإنه لا يوجد أي تبرير لغياب تأييد كبار قريش لتصديق دعوى محمد صلى الله عليه وسلم بأنه رسول الله ، وبالتالي قبول دينه على أنه دين الحق . رغم وجود كتلة سوداء شبيهة بالغدة أعلى ظهره (تحت عظام الكتف) ، إلا أنه لم يدّع أبداً أنها علامة نبوته ، مع أنه كان بإمكانه إبرازها كدليل على صدق دعواه ، وهذا يدل على عدم أهميتها كعلامة إعجازية . وبذلك تسقط مصداقية الحديث.
8- لو لم تكن تلك الحادثة مختلقة من قبل راوٍ ساذج أو أصدقاء مغفلين أو بعض أعداء الإسلام ، لعرضها النبي صلى الله عليه وسلم كدليل واضح على صدق نبوته ، ولكان من الصعب على الكفار رفض دليل واضح عليها كعلامة ختم النبوة.
9- وتنطبق الملاحظات السابقة على حادثة تظليل السحابة لنبي الإسلام.
10- كما أنها تنطبق على حادثة مَدّ الشجرة لظلها نحوه .
11- لقد حثهم الراهب على عدم أخذ الصبي إلى بلاد الروم ، لأنه لدى رؤيته له تعرّف على علامات النبوة التي ستجعلهم يقتلونه ، وهذا يعني أن علامات نبوة النبي المنتظر كانت من الوضوح في الإنجيل بحيث لا يمكن أن تفوت عن أنظار كبار الروم . هل يتفق المستشرقون مع ملاحظات الراهب ؟ وإن كان الأمر كذلك فما مدى استعدادهم لقبول مصداقية نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ هل يعتقد أولئك أن العلامات لصالح نبي الإسلام حقاً موجودة في الإنجيل بوضوح بحيث أن مجرد رؤيته تجعل العالِم يتعرف عليه كما ظن الراهب ؟
12- أما عن مجموعة الرجال السبعة الروم الذين قالوا إن النبي المنتظر كان سيخرج من بلده ذلك الشهر ، فإن المرء يتساءل عن مصدر علمهم ذلك ، فبالنسبة للإنجيل لا يوجد شيء فيه من هذا القبيل ، ومن الغريب أن يكون المستشرقون قد اختاروا بناء قصرهم بدون أي أساس وعلى أرضية مزيفة ، مما يجعله قابلاً للسقوط بمجرد ضربة واحدة من قبل ناقد موضوعي.
13- لو كانت الحادثة حقيقية لما تردد كبار قريش وخاصة أبو طالب في اعتناق الإسلام فور إعلان النبي صلى الله عليه وسلم لرسالته.
14- لو كان في الرواية أي جزء من حقيقة لامتلأت كتب الأدب الديني الإسلامي بوصف مراحل حياة ذلك الراهب المختلفة ، لكننا لا نجد له أثراً فيها.
15- يقول الفصل الأخير من الحديث أنه وبناء على إصرار من الراهب فإن أبا طالب أعاد الصبي مع أبي بكر وبلال ، وهذا دليل واضح على أن القصة مختلقة ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن أكبر من أبا بكر رضي الله عنه إلا بعامين أو ثلاثة ، فلو كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ 9 سنوات ، فإن عمر أبا بكر سيكون 6 سنوات ، ولو كان عمر نبي المستقبل 12 عاماً لكان عمر أبي بكر 9 أعوام ، هناك مثل فارسي يقول " الكذب لا ذاكرة له ". لقد نسي مؤلف القصة أن أبا بكر كان أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم كما هو مدون في التاريخ.
يروي ابن سعد :-
أخبرنا محمد ابن عمر أنه سمع شعيب ابن طلحة يروي عن ابن أبي بكر الصديق أنه قال " كان بلال تِرباً لي (متساوين في السن). قال محمد ابن عمر " لو كان الأمر كذلك وكان أبو بكر قد توفي حقاً عام 13 هـ عندما كان عمره 63 عاماً ، لكان الفرق بين هذا وبين ما رُوي لنا عن بلال 7 سنين. ويقول شعيب ابن طلحة عن ميلاد بلال: كان في مثل سن أبي بكر.
يروي الحافظ الذهبي الذي يعتبر مصدراً موثوقاً في معرفة أسماء الرجال ملخصاً لحياة أبي بكر فيقول :-
توفي الصديق قبل نهاية شهر جمادى الآخرة بثمانية أيام ، عام 13 هـ وكان عمره 63 عاماً.
تُظهر الروايات أعلاه أنه يبدو أن لا منطق في إرسال أبي بكر مع نبي المستقبل لحمايته أثناء رحلة عودته إلى بلده.
16- أما بالنسبة لبلال فمن المحتمل أن لا يكون قد وُلد بعد في ذلك الوقت ، يقول ابن سعد:-
توفي بلال في دمشق ودُفن في باب الصغير عام 20 هـ عن عمر جاوز الستين عاماً. ويُقال أيضاً أنه توفي عام 17 أو 18هـ.
وقد زودنا ابن حجر العسقلاني بمعلومات مماثلة فقال :-
توفي بلال في بلاد الشام عام 17 أو 18 هـ ويقال أيضاً عام 20 هـ عندما جاوز الستين من عمره.
روى شمس الدين الذهبي بعض التقارير عن بلال فقال :-
روى يحيى ابن بكير: توفي بلال في دمشق بمرض الطاعون عام 18 هـ ، وروى محمد ابن إبراهيم التيمي وابن اسحق وأبو عمر الزرير ورواة آخرون أنه توفي في دمشق عام 20 هـ
ذكر الحافظ جمال الدين المزي بعض المعلومات عن بلال فقال :-
ويقول البخاري أنه توفي في بلاد الشام في عهد عمر رضي الله عنه
ويروي أحمد ابن عبدالله ابن البرقي أنه توفي عام 20 هـ
ويقول الواقدي وعمار ابن علي أنه توفي في دمشق عام 20 هـ عن عمر جاوز الستين عاماً.
أستنتج من المراجع والمعلومات العامة أعلاه :-
· تقارب أعمار النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وبلال رضي الله عنهم فقد كانت أعمارهم عند وفاتهم كانت 63 عاماً تقريباً.
· توفي النبي صلى الله عليه وسلم عام 11 هـ
· توفي أبو بكر رضي الله عنه عام 13 هـ بعد عامين وثلاثة أشهر من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
· توفي بلال رضي الله عنه عام 17 أو 18 والأرجح أنها عام 20 هـ أي 6-7 والأرجح 9 سنوات بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
· وبناء عليه فإنه قد لا يكون قد وُلد بعد أو أن عمره كان 1-3 سنوات ، عندما كان عمر الرسول صلى الله عليه وسلم 9 سنوات.
· عندما كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم 12 عاماً كان عمر بلال 5-7 سنوات والأرجح 3 سنوات.
وبذلك نستطيع بسهولة أن نستنتج أنه لا يمكن أن يكون بلال رضي الله عنه قد أُرسل لحماية النبي صلى الله عليه وسلم أثناء رحلة عودته من بصرى إلى بلده.
وهذا يجعل من المستحيل قبول هذا الحديث ، ويثبت أنه ملفق لا أصل له. وبذلك يتضح للجميع بطلان الأساس الذي ارتكز عليه المستشرقون في زعمهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد أخذ تعاليمه الدينية عن الراهب النصراني.
قال عبدالرحمن مبارك بوري خلال تفسيره لهذا الحديث في سنن الترمذي :-
لقد اعتبره أئمتنا وهماً وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان عمره 12 عاماً وقتئذٍ ، وكان أبو بكر يصغره بسنتين وربع السنة ، بينما لم يكن بلال قد وُلد بعد في ذلك الوقت. جاء في ميزان الاعتدال أن من الأمور التي تدل على تلفيق هذا الحديث قوله " وأرسله مع أبي بكر وبلال " مع أن بلالاً لم يكن قد وُلد بعد ، وكان أبو بكر ما يزال صبياً.
صنف الذهبي هذا الحديث على أنه ضعيف وغير موثوق نظراً لقوله " وأرسله أبو بكر مع بلال مع أن أبا بكر لم يكن قد اشترى بلالاً بعد ، وبناءً عليه فلا حق له في أن يأمره بأداء أية مهمة (...)
قال الحافظ ابن القيم في كتابه زادالمعاد(...) عندما بلغ محمد صلى الله عليه وسلم 12 عاماً ذهب مع عمه إلى بلاد الشام ، ويقال أيضاً أن عمره كان 9 سنوات وقتذاك (...) وهذا خطأ واضح لأن من الأرجح أن بلالاً لم يكن قد ظهر للوجود بعد ، ولو كان موجوداً لما أمكن أن يكون مع أبي بكر.
يقول الحديث أنه بناءً على إصرار الراهب فقد أعيد النبي المنتظر إلى مكة تحت رعاية أبي بكر وبلال ، بحجة أنه لو أُخذ إلى بلاد الروم فإن ذلك سيضع حياته في خطر ، وذلك لأن علماء الدين سيتعرفون عليه ويقتلونه. لم يُرسل أبي بكر وبلال معه ليكونوا رفاق طريق ولم تكن رحلة ترفيهية . ومن السخف واستحالة التصديق أن أبا طالب رغم محبته لمحمد أكثر من محبته لأبنائه ، أن يتركه في رعاية صبيين أحدهما يصغره بثلاث سنوات ، والآخر إما أن لا يكون قد وُلد بعد ( إن كان عمرالنبي المنتظر 9 سنوات) أو أنه كان طفلاً رضيعاً عمره سنتين . يصعب تفسير كيف أن المثقفين المستشرقين الذين يُشهد لهم بالقيام ببحوث تستحق التقدير ، والذين اختاروا هذا الحديث الواضح تلفيقه ، وأقاموا على أساسه قصراً في الهواء ، أن تكون أمانيهم هي التي الدافع الذي ألقى بهم في هاوية عالم التعلم هذه .
17 - عندما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم شاباً في سن الخامسة والعشرين ، شارك مرة أخرى في رحلة مع قافلة تجارية إلى بلاد الشام لصالح خديجة رضي الله عنها. لو كان يعرف أن أهل تلك البلاد يُكنون له العداوة ، وأنهم بمجرد رؤيته سيتعرفون عليه من خلال علامات نبوته الواضحة لما قام أبداً بتلك الرحلة. لكنه لم يُبد أي تردد في قبول عرض خديجة له في الاتجار لصالحها ، ولم يقم أحد بإيذائه وعاد سالماً معافاً بعد قيامه بعمليات تجارية رابحة.
18 من الغريب ملاحظتة في هذا الحديث الذي وبالرغم من أنه كله ملفق ، إلا أنه أقوى من جميع الأحاديث التي تناولت حادثة بحيرا ، لكن الراهب لم يخاطب نبي المستقبل مباشرة في أي وقت من الأوقات ، وبإمكان الشخص ملاحظة ذلك من خلال قراءته للحديث ليرى بنفسه تلك الظاهرة الغريبة. لا يوجد في الحديث ضمير غائب بديلاً لمحمد صلى الله عليه وسلم ، لقد استعمل الراهب في كل مرة شخصاً ثالثاً أو ضمير إشارة بدلاً من الصبي. هذا يدل على أن الراهب لم يعتبر أن صبياً أمياً يمكنه أن يفهم ما يقول عنه. ومن الملاحظ أيضاً أن أحداً من رواة ذلك الحديث لم يكن من السخف لدرجة أن يُظهر الراهب وهو يخاطب الصبي بشكل مباشر. لأنهم من الطبيعي أن لا يتصورا أن صبياً في مثل عمره يستحق تلك المحادثة .
وخلاصة القول: إن من المفيد إلقاء نظرة على الملاحظات الحيادية لبعض المستشرقين . يقول جون ب. نوس وديفيد س. نوس في كتابهم الشهير " أديان الرجل" :-
(...). إن من الواجب إدراج الحديث الشريف الذي يقول إن محمداً صلى الله عليه وسلم تعلم اليهودية والنصرانية خلال رحلاته مع القافلة التجارية المتجهة للشام ، وكانت الأولى بصحبة عمه أبي طالب عندما كان في سن الثانية عشرة ، والثانية عندما كان عمره 25 عاماً كموظف لخديجة التي تزوجها فيما بعد ، على أنه حديث غير مقبول.
ويقول توماس كارلايل :-
لا أعرف ماذا أقول بشأن سيرجيوس [ بَحيرا أو بُحيرا ، مهما كان اللفظ ،وقد أُطلق عليه أيضاً اسم سرجيوس] ، الراهب النسطوري الذي قيل إنه تحادث مع أبي طالب ، أو كم من الممكن أن يكون أي راهب قد علم صبياً في مثل تلك السن ، لكنني أعرف أن حديث الراهب النسطوري مبالغ فيه بشكل كبير ، فقد كان عمر محمد صلى الله عليه وسلم 14 عاماً [كان إما 9 أو 12 عاماً على أكثر تقدير] ولم يعرف لغةً غير لغته ، وكان معظم ما في الشام غريباً وغير مفهوم بالنسبة له.
نستنتج من متابعة التعليل أعلاه أن دعوى أولئك العلماء في أن نبي الإسلام قد أخذ تعاليم دينه من بعض علماء الإنجيل مثل بحيرا لا أساس لها من الصحة ، ولم يؤلفوا تلك القصة الغريبة والمستحيلة الحدوث إلا بدافع تمني حدوثه.
إن الدراسة الموضوعية تتطلب جهوداً مستمرة ، وغير مجهزة مسبقاً لتأمين الحقائق بطريقة معقولة وممكن تبريرها وتتسم بالمسئولية.
***ملاحظة المترجمة : قال الكاتب عن خاتم النبوة ما معناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم " لم يدّع أبداً أنها علامة نبوته ، مع أنه كان بإمكانه إبرازها كدليل على صدق دعوته ".
وهذا يعارض ما جاء في صحيح البخاري عن قصة إسلام الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه : ".......فسلمتُ عليه ، ثم استدرتُ إلى ظهره ، هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي ، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته ، عرف أني أستثبت في شيء وُصف لي ، فألقى رداءه عن ظهره ، فنظرتُ إلى الخاتم فعرفتُه ، فأكببتُ عليه أقبله وأبكي..."
*** كما أن الكاتب نفى وجود علامة خاتم النبوة في الأناجيل رغم أن سفر الإنشاد 5 : 10 يقول " حبيبي أبيض وأحمر .معلم بين ربوة .................وكله مشتهيات..."
لقد ثبت أن كلمة مشتهيات أصلها في النسخة العبرية " محمدم" كما هو موضح هنا :-
"Hikow mamtaqiym wkulow mahamadiym zeh dowdiy wzeh ree`iy bnowt yruushaalaaim."
لذا فإنني أتساءل :: إذا كانت " معلم بين ربوة" هذه هي بداية لفقرة انتهت بالحديث عن محمد ، أفلا يكون من الطبيعي أنها أيضاً تتحدث عنه ؟
وهذا يعارض ما جاء في صحيح البخاري عن قصة إسلام الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه : ".......فسلمتُ عليه ، ثم استدرتُ إلى ظهره ، هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي ، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته ، عرف أني أستثبت في شيء وُصف لي ، فألقى رداءه عن ظهره ، فنظرتُ إلى الخاتم فعرفتُه ، فأكببتُ عليه أقبله وأبكي..."
*** كما أن الكاتب نفى وجود علامة خاتم النبوة في الأناجيل رغم أن سفر الإنشاد 5 : 10 يقول " حبيبي أبيض وأحمر .معلم بين ربوة .................وكله مشتهيات..."
لقد ثبت أن كلمة مشتهيات أصلها في النسخة العبرية " محمدم" كما هو موضح هنا :-
"Hikow mamtaqiym wkulow mahamadiym zeh dowdiy wzeh ree`iy bnowt yruushaalaaim."
لذا فإنني أتساءل :: إذا كانت " معلم بين ربوة" هذه هي بداية لفقرة انتهت بالحديث عن محمدم ، أفلا يكون من الطبيعي أنها أيضاً تتحدث عنه ؟